حوار: إنجي مطاوع
قديما قالوا “من ليس له مزاج يستحق قطع الرأس” وكاتب اليوم لا يملك مزاج واحد بل أمزجه عاشق للرسم والكتابة غير تبنية عملية النشر الالكتروني لنفسه وغيره هدفه الاكبر نشر الوعي الادبي والثقافي على اوسع نطاق دون استغلال لاي من اطراف القراءة (كاتب- قارئ- ناشر).
تتنوع اهتماماتك بين الرسم والكتابة غير عملك كمدرس مواد الحاسب الآلي بالإضافة إلى الاهتمام موقع المجلة والدار الالكتروني فكيف توازن بين كل هذه الأمور؟
الحقيقة أنني لا أستطيع الموازنة بين كل هذه الأمور و لكن محاولة الاهتمام بالجوانب الفنية و الأدبية و النشر ترغمني على التقصير في حقوق أسرتي الصغيرة مع الأسف الشديد و أحياناً اهتمامي بأحد الجوانب يؤثر على الجوانب الأخرى بلا شك, فاهتمامي بالدار الإليكترونية له تأثير سلبي جداً على عملي كمدرس و أيضاً يؤثر على الوقت الذي من المفروض أن أخصصه لإتمام رسوم أطفال لكتاب على وشك النشر للأطفال لأول مرة على حروف منثورة للنشر الإلكتروني و لكنى بعد مضى 5 أشهر لم أفلح سوى في إنجاز 5 لوحات فقط!, فبالتالي أسندت المهمة إلى زميلة (فنانة تشكيلية) تطوعت للقيام بهذا العمل وعلى الرغم من سعادتي بذلك ألا أنني كنت أحب أن أكون أنا رسام لوحات كتاب الأطفال هذا وقياساً على ذلك كل ذلك يؤثر في النهاية في قدرتي على الاستمرار في الكتابة والانتهاء من روايتي الحالية (التربة الحمراء) التي تجاوزت الخمس سنوات و لم أنجز فيها الشيء الكثير.
من منهم له الأولوية في حياة مروان أبو علي؟
عاطفياً الأسرة وعملياً دار حروف منثورة للنشر الإلكترونى, والكارثة الكبرى أن عملي الذي أكسب منه أكل عيشي يأتي في المرتبة الأخيرة ولربما يكون ذلك سبباً في رفدي في يوم من الأيام لا قدر الله!
كيف ترى النظرة الحالية للنشر الالكتروني؟
نظرتي الحالية قد يصفها البعض بالمتطرفة أو المبالغ فيها لأنني أرى أن النشر الإلكتروني سيكون سيد النشر في غضون سنوات قليلة قد لا تتجاوز أكثر من 3 سنوات أو بحد أقصى 5 سنوات و لن يسير النشر الإلكتروني بالتوازي مع النشر الورقي ولكنه سيعمل على إزاحته إزاحة تامة, لا نستطيع أن نقف في وجه التكنولوجيا التي تغير جلدها كل يوم مائة مرة فبالتالي هو أمر بالنسبة لي حتمي وسيحدث.
هل تعتقد انه قد اخذ حقه في الاهتمام والأهمية؟
في العالم الغربي إلى حد كبير أصبح منافس قوى وله جمهور عريض و لكن في عالمنا العربي عامة و مصر خاصة لازال الكثير من الكتّاب يتخوفون من عملية النشر الإلكتروني ويعتبرونها ساحة للضعفاء ومعدومي الموهبة وهذه نظرة خاطئة أدعوا أخواني الكتّاب إلى تصحيحها وبالنسبة للقارئ فهو يحبذ أكثر قراءة الكتاب الورقي و لكن الذي يدفع كثيراً منهم إلى قراءة العمل الكتاب الإليكتروني أن الكتاب الإليكتروني يقدم مجاناً في حين أن الكتاب الورقي قد أصابته جنون الأسعار و التي لا تتماشى مع دخل القارئ المتوسط, التقبل لفكرة النشر الإليكتروني أصبحت تحظى كل فترة و لا أقول كل يوم بجمهور أكبر و لكن باطراد بطيء مقارنة بالعالم الغربي و لكنى أتوقع في غضون 3 إلى 5 سنوات أن يتوجه 80% من القراء إلى الكتاب الإليكتروني مع تطور وسائل عرضه.
لمَ فكرت في إنشاء موقع للنشر الالكتروني؟
حاولت في بداية الأمر أن أنشر أعمالي الروائية و القصصية من خلال دور النشر الورقية و انتهيت إلى نتيجة نهائية أن أغلب دور النشر أنما فتحت أبوابها ببساطة شديدة لاستعباط الكاتب من جهة وسرقة جيب القارئ من جهة أخرى ورأيت أن أغلب سياسات دور النشر الورقية تقوم على مبدأ استغفل الزبون والزبون هنا (الكاتب و القارئ) و لا تعطى للكتّاب حقوقهم و أقول أغلب دور النشر وليس كلها, و أيضاً لا تعطي الكاتب إحصائية بعدد مبيعات كتابه وأماكن تواجد الكتاب فى منافذ البيع وفى كثير من الأحيان تكون العقود الموقعة بين الكاتب و الدار عقود مبهمة و تنتهي إلى أن الدار يملك كل الحق في الربح المادي وعلى الكاتب أن يكتفي بأنه أصبح له كتاباً مطبوع فضلاً عن ذلك, فشل أغلب دور النشر الورقية في سياسات التسويق و الدعاية و التوزيع للكتاب و الكاتب على حد سواء فهي تصرف (صفر) بمنتهى الدقة في جانب الدعاية على الكتب التي تصدرها في محاولة منها للحصول على أعلى ربح ممكن فمن هنا تبلورت في رأسي فكرة (طز في دور النشر أنا دور نشر بحالها!) و قررت أن أنشر لنفسي إليكترونياً و صممت شعار لدار نشر وهمية باسم حروف منثورة وضعتها على أغلفة كتبي وعرضتها على موقع المجلة الذي هو باسم حروف منثورة فوجدت نوع من الإقبال من قبل بعض الكتّاب يسألوني عن شروط النشر وخلافه و كيفية النشر لدى فتبلورت المرحلة الثانية من الفكرة في رأسي, لما لا تكون هناك دار نشر إليكترونية مجانية للكاتب و القارىء يكون هدفها هو إفلاس دور النشر الورقية الربحية الجشعة فقط ومن هنا خرجت دار حروف منثورة للنشر الإليكتروني إلى النور, نظرة القارئ.
نسبة كبيرة ترى الكاتب الالكتروني ليس بكاتب بما تجيبهم؟
النظر للكتاب المنشور إليكترونياً على أنه مستوى أدبي ضعيف أو معدوم ستتغير مع مرور سنوات قليلة ولا أنكر أن كثيراً مما ينشر من كتب إليكترونية قد تكون لأنصاف المواهب ومعدومي الموهبة ولكن هذا هو ميزة النشر الإليكترونية أنها أتاحت للجميع فرصة النشر بدون استثناء, بدون لجان تقييم أو قراءة و بدون أي رقيب من أي سلطة و للكل أن ينشر سواء كان أدب جيد أو أدب دون المستوى, لما لا نرفع الوصاية عن القارئ ونترك للقارئ أن يكون هو لجنة التقييم ليفرز الكاتب الجيد من السيئ.
أنت والسياسة لخص لنا في سطور؟
أصبحنا أعداء!
ما تقيمك لعملية النشر الالكتروني حاليا وتطورها؟
سأتكلم عن تجربتي الشخصية مع حروف منثورة للنشر الإليكتروني, بدأت حروف منثورة في مايو 2013 و حتى فبراير 2015 لم تتجاوز أعداد التنزيل الـ6000 ألاف مما يعنى أن تقيمي للتجربة هو الفشل الذريع و لكنى مع ذلك لم أحبط و إبتداءاً من منتصف فبراير إلى الآن أرتفع عدد مرات التنزيل لما يزيد عن 115 ألف نتيجة لاستحداث آليات جديدة أكثر سهولة في تنزيل الكتب بفضل مواقع حفظ الملفات ومشاركتها المجانية أو شبه المجانية التي تظهر كل يوم, و هذا يعنى أن هناك جمهور من القراء الرقميين متعطشين بالفعل للقراءة و لكن يعانون معاناة تامة من جشع دور النشر الورقية وأسعار كتبها الفلكية و بالنسبة لحروف منثورة التي قد لا تكون معروفة إعلامياً فكونها تحقق أعداد التنزيل السالف ذكرها فهذا يعنى أنها لو توفرت لها فرص دعاية جيدة ليعرفها جمهور القراء الرقميين لاختلفت الأعداد بشكل مذهل و كل ذلك مؤشر أننا أمام شعب يحب القراءة بعكس ما يشاع عنه و لكن إمكاناته المادية لا تتوافق مع أسعار الكتب الحالية.
لم تهتم بدراسة التاريخ القديم بكل ما فيه من أديان ودراسات وأحداث؟
أولاً: أنا أحب قراءة التاريخ وأي تاريخ سواء كان قديم أو حديث ولأي أمة أو حضارة من الحضارات وثانياً: لأنني ورثت حب التاريخ من أبى بارك الله في عمره, هو من حببني في التاريخ و ثالثاً: لأنها مرتبطة حالياً بأحداث رواية أقوم على إنهائها أسمها (التربة الحمراء) تعتمد بشكل أساسي على أحداث تاريخية ذات أبعاد دينية وعقائدية.
كمتابع للأحداث السياسية ومع ما تجريه من أبحاث تاريخه ودينية هل سنرى لك عمل تاريخي؟
أشك في ذلك رغم كوني متحمس جداً للفكرة و ذلك للأسف يرجع إلى عدد من الأسباب منها أن للقارئ العربي و المشاهد العربي تجربة سيئة جداً مع الأعمال السينمائية و التليفزيونية و الروايات التاريخية التي كتبها مؤلفون عرب أو مصريين فهي أسوأ نماذج قدمت في تاريخ السينما و العمل الروائي لأحداث تاريخية اللهم ألا فيلم الرسالة و عمر المختار للمخرج العبقري يوسف العقاد أما ما عادا ذلك من أي توثيق روائي أو سينمائي أو تليفزيوني للتاريخ فهو سيء بامتياز!, و لا أعتقد أن القارئ العربي يثق في أي أعمال روائية تاريخية لكاتب عربي وأنا عندما أتصدر لهذه النوعية من الكتابات يجب أن أسبقها بعدد من الأبحاث التاريخية كباحث تاريخي و ليس كروائي يريد أن يملئ صفحات عمله الأدبي و يجب أن أزور هذه الأماكن ويجب أن أطلع على مصادر مختلفة ممن وثقوا مثلا حدث تاريخي عربي أو إسلامي معين من المؤرخين المسلمين والأجانب فبالتالي الأمر شاق وليس بالعمل الهين و دراسة ملابس هذا العصر مثلا و البيئة التي جرت فيها الأحداث من شكل البيوت و شكل المعيشة و المأكل و المشرب و كيف صنع السلاح و كيف كانت الحروب و من المبكيات أن جميع المؤرخين المسلمين يسهبون في وصف أحداث تاريخية دون المستوى و دون الأهمية و عند ذكرهم لوصف الحرب فأنهم يجملونها في فقرة واحدة تنتهي فكانت الغلبة للمسلمين أو أنكسر المسلمين في هذه المعركة !, فنحن أمام مأساة في تأريخ أحداث تاريخية هامة وعلينا وقتها أن نستعين بمصادر أجنبية تروى الحدث من خلال عيونها هي و ليست من خلال عيوننا.
صدر لك خمس كتب الكترونياً فمتى تتخذ قرار بنشر احد أعمالك ورقياً؟
أتمنى ألا يحدث ذلك ألا لو كنت مضطراً فقط!
السياسة- الأدب- الإنسانية- الحياة- الدين ما تعريفهم بالنسبة لك؟
السياسة في بلادنا العربية بلا معنى, تمثيلية كوميدية يجب الابتعاد عنها بقدر المستطاع حتى لا تكون مهرج في وسط جماعة كبيرة من المهرجين.
الأدب هو لغة التواصل الوحيدة و الأرضية الوحيدة المشتركة بين كل شعوب الأرض مثله في ذلك مثل الفن و الموسيقى و الرسم.
الحياة بالنسبة لي أنا فقط ألا أغادرها ألا و قد أحدثت الكثير من الضجيج, لا أريد أن أغادرها في صمت وسكوت.
الدين هو قوام الحياة لأي إنسان مسلم و أي إنسان يدين بدين سماوي فبدون الدين لربما كنا شهدنا فساداً أكثر مما نراه اليوم و أيضاً كم ارتكبت باسم الدين الكثير من المجازر وعلى الرغم من ذلك التناقض بين الرؤيتين ألا أن حياة المرء لا تستوي بدون الدين.
الرسم هو إحساس غامر للفنان يعبر عنه في صورة لوحة فنية وكذلك الكتابة بالنسبة للكاتب فما هو الفرق بينهما بالنسبة لك؟
بالنسبة لي لأني أقوم بالرسم الكرتوني و الكتابة لا أجد أي فرق بينهما فكلاهما عندي يمثلا حالة شعورية رائعة و أجمل ما في اللوحة هو أنني أتصورها في خطوطها العامة و من ثم عندما أشرع في تشكيلها أراها تفرض على توجهات و أبعاد جديدة و كأن اللوحة بشكل ما تشترك معي في رسمها و ذلك الشعور يسعدني و إلى حد بعيد الكتابة بالنسبة لي تمثل نفس الشعور فأنا أرسم خطوطها العامة في رأسي و لكن حين أشرع في الكتابة أجد أن الأحداث توجهني إلى أحداث أخرى لم تكن مرسومة في خيالي و تتدافع على الورق بتتابع غريب استغرب له و كأن الرواية في ذاتيتها تشاركني عملية الكتابة و لكن هناك بعض الأعمال تستلزم تحكم كامل من الكاتب مثل الأعمال التاريخية و البوليسية ففيها متسع للخيال و لكنها تكون مهندسة بشكل أكثر دقة و درجات التحكم و الوعي فيها أعلى بعكس روايات أخرى يطلق فيها الكاتب العنان لخياله فتقوده هو ولا يقودها هو في أغلب الأحيان.
ما اثر كل منهما على نفسك وروحك؟
تأثير الرسم سريع فمهما استغرقت اللوحة من عدد ساعات عمل أو ربما أياماً و ربما تكون ساعة واحدة و لكنها تتشكل أسرع من العمل المكتوب و ترى نتيجتها سريعاً أمامك و يسعدك أن هناك شيء أشبه بالكائن الحي تشكل أمامك و الصورة دائماً مبهرة و أكثر قدرة على التعبير فالمثل الصيني يقول أن الصورة بألف كلمة و هذا حقيقي فمن خلال الصورة استطيع أن اختزل مئات الكلمات التي قد ترهقني لو حاولت إفراغها على الورق و لربما لم تصل إلى عمق إحساسي الذي أريد التعبير عنه بعكس ما توفره لي اللوحة و أيضاً العمل الأدبي لأنه يعنى بالتفاصيل و خاصة في شقه الروائي فتعجز اللوحة أن تلم بكل هذه التفاصيل التي يتيحها نسيج الرواية فبالتالي لكل منهما مذاقه الخاص الذي أحبه.
أتود أن تبوح بشيء أخر لمتابعينا؟
سيكون سخيفاً أن أقول تابعوني دائماً… أحب أن أسمع أرائكم في أعمالي دائماً و اطلع بشوق إلى الاستماع إلى مقترحاتكم و تعليقاتكم بشأن حروف منثورة للنشر الإليكتروني… أراه شيء من الابتذال و لكن أحب أن أقول لمن يتابعني إن كان هناك من يتابعني… سأخذلك أحياناً و سأجعلك سعيداً جداً في بعض الأحيان و سأمر عليك مرور الكرام في أحيان أخرى و لكنى أنوى إن شاء الله أن أحدث برأسك ضجيج لا يفارقك عندما تقرأ لي أحدى أعمالي و لربما تكون الوحيدة التي ستلقى قبولاً لديك و لكن الأهم أنها ستحدث ضجيج برأسك و هذا ما أنتظره.
رابط الخبر:
https://www.bookjuices.com/مقابلة-مع-الكاتب-الفنان-مروان-أبو-علي/
Comments