أهم ما يجب أن يلتفت إليه كل الكتّاب هو انتقاء اللفظ بدقة، تحري الدقة في اللفظ الذي لا يحمل لبس أو غموض أو ميوعة، هذا كان أهم ملاحظة أعرب عنها الأستاذ يحيي حقي في حق الكتّاب العرب في منتصف خمسنيات القرن الماضي وهي الآ
فة التي تلازمنا كلنا حتى يومنا هذا، دلالة اللفظ واستخدامها في السياق المناسب لها يجب أن يكون الشغل الشاغل لأي كاتب، هل هذا اللفظ أو هذه الكلمة فعلاً مناسبة للسياق الموجودة به؟، أم أنها قد تشوه السياق، قد تصيبه بميوعة المعنى والدلالة، قد يغيب القصد من السياق بسبب سوء اختيار الألفاظ.
أيضاً يجب أن تكون الأخطاء اللغوية في أقل مستوياتها، كثير من الكتّاب يعتمدون على المدقق اللغوي في تغطية كل أخطائهم اللغوية.
كثرة الأخطاء اللغوية دلالة قوية على ضعف الحصيلة اللغوية وحصيلة الكلمات لدي الكاتب فلذلك تكثر الأخطاء اللغوية، لأن من لديه حصيلة لغوية واسعة، بكل بساطة من الممكن أن يستبدل الكلمة التي يظنها على خطأ بأخرى يثق في صحتها وأيضاً من إتساع حصيلته اللغوية أنه يستطيع استبدال الكلمة بأخرى قريبة من المعنى ولا تشوه النص عند استخدامه أو تحرفه عن قصيدته.
من لديه المقدرة على استحضار العديد من المترادفات التي لا تخل بالمعنى والسياق العام الموضوعة فيه، يعني أنه يمتلك ناصية اللغة.
يجب أن تكون أخطاء الكاتب اللغوية من الندرة بمكان حتى يلجأ فيها لمدقق لغوي متخصص يصوبها له، ولكن لا يكون شغل المدقق هو أن يصوب التاء المربوطة والهاء المربوطة وهمزة الوصل وهمزة القطع، ليس هذا عمل المدقق اللغوي، هذا عملك أنت ككاتب طالما قررت أن تخوض غمار الكتابة.
تركيب الجملة وعلى وجه الدقة أكثر استخدام التأخير والتقديم، كيف يراعي الكاتب هذه النقطة حتى لا تؤثر على بنيان الجملة وتنحرف بها نحو الركاكة أو الارتباك في المعنى، وكل هذا يندرج تحت البناء السليم للجملة وعند استخدام الكاتب للصور الجمالية والتشبيهات ...ألخ، يجب أن يراعى ألا تدفعه استخدام كل هذه الأدوات إلى غموض الجملة وصعوبة إدراك المتلقي لها أو أن يصعب على المتلقي تخيلها وربطها بالواقع، لأن التشبيهات والصور والاستعارات يحتاج أي متلقي أن يربطها بإشياء تتصل بها في الواقع حتى يستطيع فهمها وتخيلها وإن عجز عن فهمها وتخيلها ليس براعة من الكاتب أكثر من كونها عدم وعيه بكيفية صنع صورة جمالية يستطيع المتلقي ربطها بالواقع.
أن يقول شاعر مثلاً "قشرة الحفرة"، كيف يمكن للمتلقي أن يتخيلها؟!، وهناك تناقض واضح بين الشيئين حتى هذا التناقض لا يؤدي إلى معنى ثالث يمكن إدراكه، فالحفرة تتسم بالعمق والقشرة شيء سطحي رقيق السمك، فما هو الرابط بين الشيئين حتى يصل إلى المعنى المجازي للشاعر، لن يصل إلي شيء، وهذا يعود لفشل الشاعر في ابتكار صورة مفهومة استطيع ربطها بالواقع.
وأما أن يقول الشاعر"وطائرة تحلق كعصفور طليق في الهوء" بصرف النظر عن قولبة التشبيه ولكن هو مفهوم استطيع أن أربط بين طائرة وعصفور يحلق في الهواء فبينهما سمات مشتركة استطيع الربط بينها وتفهم المعنى المجازي الذي يقصده الشاعر.
في استخدام لفظتي "الخشية" و"الخوف"، الكثير جداً من الكتّاب يخلطا بين هذين اللفظين ويعتبروا كلا اللفظين يؤديا لمعنى واحد، فيستخدما تارة "يخشاه" وتارة أخرى "يخافه"، إن كان يؤديا لمعنى واحد متطابق فما حاجاتنا لوجود لفظين فكان يكفي واحداً منهم، ولكن بالتأكيد هنا فروق في المعنى على حسب السياق الموجودة به.
حرياً بنا ككتّاب إذا اختلط علينا معنى مترادفان أن نلجأ للغويٍ مختص أو إلى المعجم وألا نستاهل مع الأمر ونستخدم اللفظ الذي يحلو لنا وقعه في آذاننا ولكن الأفضل والمناسب للسياق الوارد فيه.
Comments