top of page
صورة الكاتبمروان محمد

حول مسلسل ممالك النار


الكاتب مروان محمد
ممالك النار

ومازال من ينتسبون للثقافة والكتابة والفن يتعاطون مع مسلسل ممالك النار باعتباره فيلم تسجيلي وثائقي يؤرخ لحقبة تاريخية وقد جانبه الصواب في عدد من المعلومات التاريخية ولا يتعاطون معه باعتباره عمل فني يحاكم فنياً... لم أرى مقال واحد يتناول بالشرح فنيات العمل ولكن الكل ما بين منبري للدفاع عن التاريخ الوارد في المسلسل أو مكذب له.

وأنا لا يعنيني في أي مقام التاريخ الوارد بالمسلسل لأنه عمل فني ومن الحماقة أن اتعامل معه باعتباره مرجع تاريخي أو مصدر للتثقف تاريخياً.

وأي مسلسل في العالم أو فيلم لأي دولة في العالم كله يتناول أو تناول حقبة تاريخية معينة لم يكن صادقاً مئة بالمئة أو دقيقاً ... الأمريكان ملوك تزييف التاريخ في أفلامهم ومسلسلاتهم، الأفلام والمسلسلات التاريخية شذرات من الحقيقة مطعمة بالكامل بخيال المؤلف حتى التي تدور حول شخصيات تاريخية حقيقية!

الحركة الفنية والمثقفين هناك يدركون ذلك جيداً ويتقبلونه بل ويعتبرونه أمراً طبيعياً لأنهم يتعاملون مع العمل من ناحية فنية ولا ينظرون إليه على أنه رصد حقيقي تاريخي دقيق محقق المصادر.

إلى متى سنظل نحاكم الأعمال الفنية تاريخياً؟ واسمها أعمال فنية، تحاكمها إذا كتب صاحبها على تتر المسلسل أو الفيلم " فيلم وثائقي" أو كتب عبارة " هذا العمل محقق فيه مصادره التاريخية وقد اعتمد (ومن ثم وضع قائمة بمصادره التاريخية" إذا فعل هذا أو ذاك يمكنك وقتها أن تهاجمه بكل ما أوتيت من قوة تاريخياً.

أما وأنه كتب مسلسل فأساس اي عملية فنية هي الكذب على المتلقي وليس افتراض المصداقية من صاحب القطعة الفنية ولكن عماد عمله الكذب على المتلقي وإن كان المتلقي معذوراً في نظرته فما عذر المثقف والممارس للعملية الفنية سوى أن ما يفعله عار عليه وعلى من يلتفون حوله ويدّعون الثقافة.

هل أتعامل مع المسلسلات التركية التي تنطوي على تاريخ على مدى مصداقية الأحداث التاريخية من عدمها؟، أنا لا افترض مصداقية هذه المسلسلات أساسا؟!

أنا أنظر لها نظرة فنية بحتة، من حيث الملابس والعصر والتمثيل والإخراج والسيناريو ومواقع التصوير ... ألخ

أما إن أرطغرل كان كذلك فعلاً أو لم يكن فهذا أبحث عنه كمثقف في كتب التاريخ! وإن خالف المسلسل ما ورد في التاريخ لا يسقط هذا المسلسل ولكن يبقى المسلسل قائماً بما احتوى من مكونات فنية أما جيدة أو سيئة ... المكونات الفنية لأي عملية فنية هي التي تسقطه أو ترفعه إلى عنان السماء.

أي تقييم آخر أنت خرجت من الحكم الفني إلى أحكام أخرى غير متصلة بالفن.

فمن أراد تقييم أي مسلسل أو فيلم ينطوي على تاريخ من منطلق مصداقية التاريخ الوارد فيه فهو حق أصيل لك ولكن بالله عليك لا تدعي أن هذا نقد أدبي أو فني.

هذا أي شيء آخر إلا أن يكون متصلاً بالفن بأي وجه من الوجوه.

حتى التقييم الأخلاقي للعمل لا يرفع العمل أو يسقطه فإن حاز على الدرجة النهائية في التقييم الأخلاقي لا يجعل منه عملاً عظيماً والعكس صحيح.

حتى أني أرى أن البعض يتناول بعض من الأعمال الروائية أو القصصية من ناحية أنثربولجية أو اجتماعية أو نفسية فتجد عنوان كتاب ما: البعد السيكولوجي لأعمال الكاتب فلان ومن ثم يصنف دراسة أدبية... أي جهل هذا؟!

ما علاقة هذا بالأدب أو الفن؟، هذه دراسة اجتماعية بحتة تتخذ عينات أو مؤشرات من البيئة حولها لتعضيد هذه الدراسة بقرائن ودلائل وحجج، هذه ليست دراسة أدبية بأي نوع ومن يصنفها كذلك جاهل وإن أقسم وأغلط في الإيمان سيظل جاهل!

متى ما قيمت العمل الفني خارج مكوناته الفنية، سقط عن تقييمك أي ناحية فنية، قد يكون أي شيء آخر إلا أن يحسب أنه نظرة للفن أو تحليل للفن، سمه أي شيء آخر.

يا مثقفين يا كتّاب لا تسموا ما تقدمونه من تحليل تاريخي لمسلسل ممالك النار على أنه نقد أدبي أو فني، أو إن هؤلاء نقاد فن، الفن بريء مما تكتبون وتنسبونه إليه، هذا أي شيء آخر إلا أن ينسب للفن وعند هذا الأمر فلتفعل ما شئت، فأنت تتحدث خارج عباءة الفن.

٣٣ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

留言


bottom of page