هناك عدد من المنشورات على الفيس بوك لبعض الكتّاب تدور حول ضرورة الإحتذاء بنماذج من الكتّاب العالميين لاقوا الأمرّين في مسألة النشر وكم من مرة رُفضت أعمالهم من قِبل دور نشر حتى تبنتهم دار نشر أخيراً وحققت أعمالهم التي تم رفضها من قبل مبيعات خرافية وتحولوا إلى مشهورين وأغنياء في طُرفة عين.
ويستلهمون من هذه القصص الطريفة أن لا تبتأس من عدد دور النشر التي ترفض عملك، هذا يعني أن أمامك مستقبل حافل لا تعرف عنه شيئاً ينتظرك عما قريب!
ورفض دور النشر لعملك ما هو إلا عدم فهم أو وعي كافي منهم بأهمية عملك وعظمته الكامنة فيه.
صديقي الكاتب، غالبية دور النشر الورقية لا تقرأ عملك من الأساس!
وأنا هنا أتحدث عن دور النشر المصرية خاصة والعربية عامة، دور النشر في عالمنا العربي يمكن تقسيمها لعدد من الفئات:
1- دور نشر تنشر لمن هب ودب، أجاد أو أساء للأدب، قدم ما يثمر أو قدم ما يفسد، لا يهم، كتب أدباً أو كتب عبثاً، فهذا الأمر لا يعنيهم تماماً، كل ما يعنيهم، هل أنت مستعد لدفع ما سيخبرونك به من تكلفة باهظة؟!، فإن وافقت على عرض أسعارهم أشادوا ورفعوا عملك إلى عنان السماء.
2- دور نشر أخرى تنشر لمن لديه متابعين كُثر تتجاوز المئة ألف متابع، أياً كان ما يكتبه عبثاً أو أدباً.
3- دور نشر أخرى تنشر لمن يقدم لها فروض الولاء أو الطاعة أو لثلة من الأصدقاء.
فبالتالي لا تتصور أن دوافع الرفض مبنية على أي أسباب منطقية أو معيارية تعتمد النقد الأدبي، فتتصور أن التقييم الأدبي لدى دور النشر هذه لم ترقى بعد إلى مستوى عملك العبقري حتى يجيزوه للنشر من عدمه!
أنت هنا صديقي الكاتب في العالم العربي، حيث لا ينطبق عليه ما يجري في بلاد الغرب.
صديقي الكاتب إذا كان لديك ما يكفي من المال الجيد الذي يملء بطونهم نشروا لك عملك بلا تردد أو كنت من ثلة أصدقائهم أو كان لك متابعين بالآلاف فستنشر مجاناً، فالأمر لا يتعلق بأي شكل من الأشكال بإجادتك لفن الكتابة من عدمه.
ولا تعتمد صديقي الكاتب على ذائقة العامة فهي للأسف في الوقت الراهن، في أغلبها ذائقة فاسدة، تسعى وراء الكتابات السطحية بل شديدة السطحية، فأي حفاوة تلقاها من قراء لا يجب أن تأخذها على محمل الجد، لأنك محاط بجماعة كبيرة من القراء السطحيين.
نعم كلامي يبدو إستفزازيا وكما يسمونه تنمراً على القراء ولكن هذا لن يغير من حقيقة الأمر شيئاً، فمن يقرأ روايات رومانسية على غرار المسلسلات التركي والهندي لا تتوقع منه أن يفهم ما هو الأدب أو أي جماليات لغوية وقدرات تعبيرية وتقنيات سردية، لن يفهمها ولن يتذوقها ولن يعيرها اهتمامه، فقط امنحه مسلسلا تركياً في قالب روائي فكفيت ووفيت!
فبالتالي انفض عن عقلك أن القادم أفضل وأن الرفض الحالي ما هو إلا مفتاح الفرج القادم لنبوغك وشهرتك وحفاوة العالم بك، فلن يحتفي بك أحد ولا توجد أي معايير من أي شكل ولون لقبول العمل من عدمه عند الغالبية العظمى من دور النشر الورقية، الحفاوة فقط لمن يدفع أكثر مقابل نشر عمله أو لديه متابعين بالآلاف حتى يُقبل عمله، غير هذا فأنت واهم صديقي الكاتب.
لا يوجد سبب رفض حقيقي يمكنك أن تتركن إليه وتُطمئّن نفسك به، بأن هذه عثرات في طريق مجدك، هذه عثرات قلة حيلتك المادية فقط أو قلة متابعيك أو عجزك أن تكون من ثلتهم!
نحن في زمن من الممكن أن تنشر فيه أي عبث وأي تنديد أو شجب من قِبل البعض بسخافة ما ينشر من غثاء ما هو إلا "شو" سخيف مبتذل لأنهم يقدمون نفس العبث الذي ينددون به ويشجبونه!
جفائي وحدة كلماتي في الحديث إليك هي من باب النصح والإرشاد وإن كان فظاً غليظاً ولكن لابد من تلك المطرقة التي تضرب رأسك لتستيقظ من أضغاث أحلامك التي لا تطابق الواقع في عالمنا العربي بأي حال من الأحوال.
ورجاءً صديقي الكاتب توقف عن ترديد أن البعض يسرق أفكاري أو مقاطع من نصوصي أو اقتبس موضوع عملي أو أخشى إذا راسلت دار النشر بعملي أن يتم سرقته ونسبته للغير، صديقي: الجميع يسرق من الجميع، الجميع لا يبدع فناً ولكن يبدع نحتاً!، نحن ننحت من بعضنا البعض وننحت من بلاد الغرب ليس أدبهم ولكن أفلامهم ونسوقها في قالب روائي أو قصصي ثم ندّعي زوراً وكذباً أنه إبداعنا!
حد مرعب من الفجر في أن ننسب لأنفسنا ما ننحته من الآخرين، ولا أعني أن الفكرة مقتبسة أو منحوتة فجميع الأفكار استهلكت وهُتك عرضها عن بكرة أبيها وأمها إن شئت ولكن حتى المعالجة السردية هي في حد ذاتها مستهلكة، إعادة تدوير الفكرة وطرحها من منظور مغاير هي مجرد نحت لمعالجات أخرى، فمن يدّعي أنه يخشى على عمله أن يسرق أو ينسب للغير، اطمئن صديقي الكاتب فكل الأعمال سرقِت من بعضها البعض ولا فضل لمسروق على سارق فكلاهما في النار!
תגובות