top of page
صورة الكاتبمروان محمد

رواية حلم


الكاتب مروان محمد عبده
رواية حلم

رواية حلم للكاتب محمد عبد الغفار الصادرة عن دار ضي للنشر والتوزيع. أهدتني هذه الرواية كاتبة عزيزة عليَّ، قبل أن أشرع في الحديث عن العمل نفسه، ذكرني هذا العمل بمقولة هامة لا أتذكر لمن أنسبها ولكني أحفظها جيداً، تقول هذه المقولة: " أنه لفخٍ عظيم أن تكتب رواية سياسية، كذلك من يكتب الشعر السياسي" بعض الكتّاب يوارون ضعفهم الأدبي وضعف المقومات الفنية لأعمالهم وراء غطاء الموضوع السياسي، على سبيل المثال عبد الرحمن يوسف الشاعر، إن قمت بتحليل مقومات نصه الشعري وفق معايير الشعر تجده شاعراً ضعيفاً للغاية يواري ضعفه خلف موضوعاته السياسية. أيضاً الموضوعات السياسية الراهنة تنزع عن العمل فكرة إمكانية خلوده وأن تقرأه أجيال، ربما يريد الكاتب أن يكتب موضوعاً راهناً يقرأه الجيل الحالي ومن ثم يختفي أثر هذا العمل، لا بأس، ولكن هناك أعمال سياسية من الممكن أن يكتب لها الخلود وأن تتحول إلى مرجع تاريخي فيما بعد، ولكنها تبقى أعمال قليلة جداً. هذا ما فعله بالضبط كاتب هذه الرواية وقع في فخ الرواية السياسية، لم يكتب عملاً خالداً وهذا أمر طبيعي فلسنا كلنا ككتّاب مقدر لنا أن نكتب أعمال خالدة، من تُخلد أعمالهم لازالوا قلة تعد على أصابع اليد الواحدة. ولكن ليست هذه مشكلة العمل فالعمل حتى لا يصلح كمحاولة لتأريخ حدث سياسي أو أحداث سياسية في إطار أدبي يمكن الرجوع إليها ويقال فيما بعد ومن أدبيات هذا العصر السياسية هذا العمل، فهو بلاشك من وجهة نظري ليس إحداها، هو عمل يعبر من الألف إلى الياء عن وجهة نظر الكاتب الشخصية في الأحداث السياسية، ولا يطرح أمامك أحداث سياسية في قالب أدبي، هو لا يؤرخ أدبياً لفترة سياسية معينة، هو يضع رأيه هو في هذه الفترة التاريخية، ستقول لا بأس ولما لا يفعل ذلك، أقول أيضاً لك لا بأس ولكن سنتفق عندئذ أنه حتى لا يصنف كعمل أدبي يؤرخ لأي فترة سياسية ما، هو أقرب ما يكون لخواطر الكاتب الشخصية عن فترة سياسية معينة. إذا خرجنا من نطاق أنه يناقش موضوع سياسي وهل هذا جائز أم لا وكيف يصنع؟، فلنلتفت إلى الأسلوب الأدبي للعمل، هو للأسف كارثي بكل المقاييس، أسلوب أدبي ركيك لن أقول جداً ولكن ستستاء حقاً من سوء أسلوبه الأدبي لضعفه وركاكته. يتبين لي من خلال هذا العمل أن الكاتب غير ملم بمقومات بناء العمل الروائي أو القصصي فهو لا يعرف أنواع الرواة بدليل أنه أعتبر نفسه رواي بشخصه وذاته في العمل في حين أنه استخدم نوع الراوي العليم الذي يقوم بهذا الدور بديلاً عنه، فلا حاجة لأن تضع نفسك كراوي موازي. الكاتب أقحم صوته في كل ثنايا العمل الأدبي، بلا استثناء، يكاد يصل الأمر إلى أنه فعل ذلك في كل صفحة للدرجة التي تحول معها الأمر إلى طرفة حقيقية فهو يصطنع الأحداث ثم يعبر عن ذهوله منها بصوته الشخصي ! ثم أرتكب جريمة أن تدخل بصوته في النص وعبر عن رأيه فيها ويبدي استعجابه واستنكاره من أحداث هو صنعها بيديه هاتين! وكثيراً ما ينفصل عن الرواية ثم يسرد لنا رأيه الشخصي كأني أمام مقال للكاتب يعبر فيه عن رأيه بشأن الأحداث السياسية التي يكتب عنها، لا يفقه التمييز بين البناء الروائي والبناء المقالي ويخلط بينهما أيما خلط! واستخدم أسلوب الكشف المبكر عن أحداث مستقبلية ليحرق أمامك صفحات بأكملها ولقد حذرت من خطورة استخدام هذا الأسلوب لأنه من الممكن أن يجعلك رغم الكشف الذي دفعت به للقاريء أن تقفز فوق توقعاته فتكون أصبت الحسنيين أو أن يأخذك هذا الأسلوب للدرك الأسفل وهذا ما حدث تحديداً مع كاتب هذا العمل. هوى به هذا الأسلوب إلى القاع وأحرق بنفسه أحداث عمله، ونزع عامل التشويق والإثارة من العمل تماماً، فيقول لك وهنا أروي على المعني وليس لفظاً أن العراقي لو يعلم ماذا ستخبئه له الأيام؟، بالنسبة لي كقاريء أنتهى الأمر، بدون أن أقرأ الصفحات القادمة، حتى أنت قاريء هذه السطور تعلم تحديداً ماذا سيحدث للعراقي؟! شخصية "حلم" بطل الرواية تكتشف من الصفحات الأولى أن صديقه العراقي يساعده في العثور على عمل كصبي ميكانيكي في إحدي الورش ولا أعلم هل عايش الكاتب الطبقات الفقيرة الكادحة؟ وهل يعلم أن هذه المهنة لا تكتسب على كبر خاصة وأنت تعلم أن بطل الرواية بلغ من العمر الثمانية والعشرين؟، دعنا نتجاوز عن هذا ونقول جائز ولكن حلم يتأفف من هذا العمل لأنه جامعياً، وأن هذا لا يليق به وسيحرق قلب أمه. هناك أمر آخر قد يكون غائب بالكلية عن الكاتب حول هذه الطبقات الفقيرة الكادحة، هو أنهم حتى ولو كانوا من أصحاب الشهادات العليا، فهم لا يستنكفون عن العمل في مهن فنية أو حرفية لأنهم يباشرون هذا العمل منذ نعومة أظفارهم فهو ليس بالأمر المستحدث أو الطاريء بالنسبة لهم ومنهم من ينال شهادته الجماعية ويستمر في مزاولة حرفة اكتسبها منذ الصغر ومنهم من يتركها محاولاً العمل بشهادته الجماعية. ولا يجيبك الكاتب ماذا كان يفعل حلم في حياته قبل أن يصل إلى الثمانية والعشرين، هل كان يجلس في بيته بلا عمل؟، لو أفترضنا أنه تخرج في سن الحادية والعشرين أو حتى الثانية والعشرين فمكث في بيته ما بين سبع سنوات وست سنوات ليكتشف فجأة مع أول صفحة من العمل أنه بحاجة للعمل ويوحي لك الكاتب بأنه لم يعمل من قبل فتتصور أنه مثلاً حديث التخرج فتدرك بعد ذلك لا، ارتباك كبير جداً في رسم الشخصيات. الحوار بالعامية المصرية بين الشخصيات وهذا لا يمثل لي أي مشكلة ولكنه مقبولاً عندي ولكن إذ ما قررت أن تبني السرد كاملاً بالفصحى فعليك الإلتزام وقتها بكل مفردات الفصحى أما وضع الكثير من مفردات العامية في سياق الفصحى مثَّل نغمة نشاذ لا تغتفر، فضلاً عن تحويله لعبارات عامية استهوته إلى الفصحى فلم تخالف العامية في الكثير فجاءت أيضاً كنغمة نشاذ في سياق الفصحى ولها البديل في الفصحى وذلك ما جعل أسلوبه الأدبي ركيكاً ضعيفاً وأذكر على سبيل المثال أن قال: "حراً خلف القضبان"، لم يدرك الكاتب أن في عبارته تناقض كيف يكون حراً وخلف القضبان، إن كنت تحاول أن تجعل من العبارة مفارقة فهي مفارقة فاشلة ومن أمثلة إقحام صوت الكاتب في النص وأكثرها غرابة، عندما انصرف عن أحداث الرواية ليحكي لنا حدثاً شخصياً يخصه ثم يتذكر أنه في خضم رواية يكتبها فعاد إليها مرة أخرى! ناهيك عن الأخطاء الإملائية والنحوية التي يزخر بها النص على الرغم من أني قرأت في الصفحة الأولى بعد الغلاف، تدقيق لغوي لفلانة الفلاني! أما أنها لم تدقق العمل بأي شكل من الأشكال وأما الاحتمال الثاني أنني بالنسبة لها جهبز ونابغة وعلامة في اللغة العربية على ما أرتكب من أخطاء لغوية كثيرة! ما خلت صفحة من خطأ لغوي، بدون مبالغة، فضلاً عن أن حصيلة الكاتب اللغوية ضعيفة للغاية، وأخيراً فطرح الكاتب لذلك الموضوع السياسي وتعبيره الشخصي عن رأيه فيها سواء بتدخله المباشر بصوته هو أو من خلال شخوصه جاء سطحياً بامتياز. إن كان هذا هو العمل الأول للكاتب فأقول له لديك ما يمكن اعتباره بدايات كاتب ولكنك لم ترقى لأن تكون كاتب والحق أنه عليك قبل أن تكتب أي عمل آخر أن تقرأ كثيراً كثيراً كثيراً لأنه من الواضح أن حصيلتك من القراءة ضعيفة جداً جداً جداً جداً.

٥ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Commenti


bottom of page