top of page
صورة الكاتبمروان محمد

رواية ليليث للكاتب هيثم ممتاز


الكاتب مروان محمد عبده
رواية ليليث

رواية ليليث للكاتب هيثم ممتاز، تقريباً مائة وخمسون صفحة، صدرت عن دار الحلم، هذا العمل يمثل كارثة أدبية، إنحطاط أدبي بامتياز، رداءة لا تعلوها رداءة، إنحدار للأدب خطير. جاهدت نفسي حتى انتهي من هذا العمل، ولكن انطباعي الأول الذي خرجت به من هذا العمل، ذكرني على الفور بأفلام الرعب الأمريكية الرخيصة، ليست الرخيصة فقط ولكن شديدة الرخص والإبتذال، والتي تنتمي للدرجة العاشرة من الرخص، وقد انتجها أصحابها تحت بئر السلم، فهذه الرواية هي خير ممثل لهذه النوعية من الأفلام! أسلوب أدبي رخيص كموضوع العمل، مبتذل ركيك للغاية، كغيره من كتّاب هذه الأيام الذين أسفت للقراءة لهم، كيف يمكن أن أقولها؟، يفصحون العامية، عبارات بالكامل عامية، تعجز محصلتهم اللغوية الضعيفة عن أن تأتي بما يقابلها بالفصحى فيتصورون بأنهم بتفصيحها بأسلوبهم الأدبي الركيك قد تجاوزوا المشكلة. تراكيب جمل مختلة، تشبيهات غير متجانسة وحمقاء ومضطربة وسطحية. كاتب قراءاته إن كانت له قراءات تنبيء بأنه لا يقرأ شيئاً فخرج لنا بهذا الأسلوب الأدبي المختل ومن جرائم ما أرتكب إن أراد أن يخبرنا بأن المشهد أو الحدث القادم هو عبارة عن "فلاش باك"، يكتب كلمة "فلاش باك" بالإنجليزية ثم يبدأ المشهد، ما أعرفه أنا شخصياً، أن الكاتب يسرب لي هذا الأمر من خلال بناءه اللغوي والأسلوبي للعمل المكتوب ولا يرصع بداية المشهد بكلمة "فلاش باك" بالإنجليزية، يجب أن أفهم ضمنياً من سياق الأحداث أن هذا المشهد "فلاش باك" ولا تكتبها لي صراحة وإن ضربت لي أمثلة على أن كتّاب مشهورين يفعلون ذلك فأنا أتهمهم بالحمق!، فما يكتبونه بلاشك ليس قرآناً. الخلط بين العامية والفصحى في الحوار، هو أيضاً السمة الغالبة لكتّاب هذا الجيل يجب ألا أطيل الحديث عن الأسلوب الأدبي شديد الركاكة ومدى هشاشة وسطحية اللغة. الجريمة الأخرى والتي أعدها جريمة الكاتب الكبرى، بدا لي أنه كتب عمله هذا على فترات زمنية متباعدة نسبياً، وفور أن انتهى منها نشرها كما هي بدون مراجعة، فيتجلى لك من خلال عدة مشاهد وأحداث أنه قد سرد في مشهد سابق أحداث، نسيَّ أنه سردها فسرد ما يخالفها في المشهد اللاحق عليه، نسيَّ أنه يتحدث مثلاً عن شخصية اسمها هشام ووضع بدلاً منها اسم شخصية أخرى اسمها وحيد، هذه الجرائم تتكرر على طول خط العمل. لا أفهم أبداً كيف يكتب أي كاتب عمل وفور أن يكتبه يدفع به للنشر ولو أقسم عدة مرات أنه راجع عمله، سأقول له أن تكذب كذباً مفضوحاً، فالكثير من الأحداث تبين أنك لم تكلف نفسك عناء مراجعة هذا العمل ولو لمرة واحدة وإن زعمت أنك فعلت ما كان لفت نظري هذه الجملة من التناقضات! الكاتب يصدر عمله بشاب يدعى وحيد يركض وراءه شهوته الجنسية، يصطاد العاهرات، يقضي ليلة جنسية ماجنة معهن ثم يدفع لهن مقابل المتعة، لا بأس في ذلك، هذا تمهيد ضروري يرسم فيه شخصية بطل العمل حتى تساعدني في فهم الأحداث القادمة. يلتقي بعد ذلك ب(للي) والتي يرسم ردود أفعالها إتجاهه وظهورها المفاجيء على عتبة باب بيته وأن ملامحها وتضاريس جسدها تشكلت وفق ما تخيل وما إلى ذلك، الكثير من المؤشرات التي رسمها الكاتب لشخصية (للي) والتي ستجعلك كقاريء تتصور أنها ليست بشرية وإن هناك ما يريب بشأنها، ومع كل هذه المؤشرات الواضحة والتي ستدركها كقاريء لازال بطل العمل أحمق يتقبل هذه الأمور ببساطة شديدة، لا بأس سأتغاضى عن ذلك وأمضي معه قدماً، بعد الصفحة الخمسين تقريباً يعرف البطل أخيراً أنها ليليث تلك الشيطانة الملعونة والتي تنتقم من وحيد وستمضي معه حتى نهاية العمل وأنت لا تفهم لماذا تنتقم منه بالذات وسيخبرك عن ذلك في نهاية العمل؟، لا بأس، فهو تقليد معروف وشاهدناه عشرات المرات في الأفلام الأمريكية، المهم أنه بعد الصفحة الخمسين أصبح أمام مأزق هائل وهو: ما هي طبيعة الأحداث التي سيصيغها طوال باقي صفحات العمل والتي وصلت إلى مائة وخمسين، عليه أن يعمل على ملء مائة صفحة كاملة من الأحداث. جدير بالذكر أن المؤشرات التي أعطاها للتدليل على أن الشخصية (للي) ليست بشرية، كانت جلها مقولب، مثل الظلام وخدش الباب والحوائط وذكرها الآن يرتبط بالمائة صفحة المقبلة والتي هي كلها عبارة عن ماذا؟! أعتقد أن أفضل تعبير هو تجميع لعدة مشاهدة منفصلة من أفلام أمريكية مختلفة، تدور في جو الأساطير والرعب، مجرد مجموعة مشاهد متفرقة من أفلام كثيرة جداً، تعرفها جميعاً، كلها جو غربي بحت لا يمت إلينا بصلة. ويكرر الكاتب خلال الصفحات المئة من هي ليليث وكل مرة يعيد قص علينا نفس القصة!، عليك أن تمضي كما قلت ما يقرب الثمانين صفحة في تلك المشاهد المجتزئة من الكثير من الأفلام حتى تنضب ذاكرة الكاتب تماماً وتنضب معه ذاكراتنا نحن أيضاً في إحالة الكثير من المشاهد للكثير من الأفلام، فيلجأ إلى استخدام صاحبي البطل اللذان يبحثان عنه ويبلغان الشرطة فتقتلهما ليليث ولا تفهم لماذا؟، فأياً يكن ما سيصلا إليه هو في إطار الواقع المحدود وهي بأفعالها لا يحدها واقع فما هو وجه الخطر فلم يصلا إلى تعويذة سحرية قادرة على إيقافها، كانا يبحثان عن صديقهما وهو بطل العمل فقط، أفهم لماذا أقحمهما الكاتب؟، لقد نضبت جعبته من المشاهد المجتزئة من الأفلام وعليه أن يملء صفحات أخرى، فمرة أخرى يدخل طرف جديد وهو الضابط إبراهيم يحقق في جرائم قتل صديقي البطل ووالد البطل وإختفاء البطل، لا بأس الغرض ملو صفحات ليس أكثر ثم يقحم شخصية جديدة وهو جار البطل الرسام المصور الفوتغرافي هشام، ويرسم بعض ما يجري لبطل العمل في الهلاوس التي تغرقه فيها ليليث ومن ثم يتحول إلى مكتئب مهلوس مجنون وهذه لعنة من ليليث عليه باعتباره عائق غير مبرر أمام قدراتها الماورائية وتحرق منزله وتصنع من صورة والدته كائن مشوه، إبراهيم الضابط يقدم استقالته بدافع من ليليث التي تعوقه عن المضي قدماً في التحقيقات بدون مبرر فهو أيضاً في حدود واقعنا المحدود لا يستطيع أن يصنع لها شيئاً، ولكن لا بأس هو يقوم بالنحت من الأفلام الأمريكية ولابد أن يطيل العمل بعض الوقت فكما قلنا نضبت جعبته من مشاهد مجتزئة من أفلام رعب مختلفة. ثم يكرر مشهد آخر من هلاوس البطل في مرحلة لاحقة مختلطة بهلوسة جديدة لإطالة الأحداث ليس أكثر، وتأتي الصفحات النهائية تكشف عن أنه كسر بقلب فتاة أحبته من أول نظرة! فاستخدمت الفتاة لعنة ليليث عليه، فليليث التي صحبتنا طوال الرواية ما هي إلا فقط صنيعة لعنة أطلقتها عليه فتاته المجروحة فيه، حتى يضع لك أي مبرر لماذا كانت تطارده ليليث طوال العمل؟، يجب أن يكون هناك أي مبرر وإن كان واهياً. في نهاية هذا العمل الذي لا يستحق الكثير من التفنيد، أن تقرأ عمل يعكس حصيلة الكاتب الأدبية والفنية والتي يستلهم جلها من الأفلام الأمريكية الدرجة العاشرة الرخيصة، هذا هو مصدر إلهامه ووحيه في كتابة وصياغة هذا العمل. لا تعكس أي حصيلة ثقافية أو قرائية للكاتب ولكن فقط مجموعة من الأفلام، أغلبها أفلام رخيصة انتجت بغرض تجاري بحت. أتمنى من القاريء أن يفرز هذه الكتابات وأن يلقيها جانباً ولا يلقي لها بالاً ولا يقيم لها وزناً، يجب أن نبدأ فعلياً في عملية "فلترة" ومراجعة شاملة لكل ما كتب على مدار عشر سنوات كاملة لنخرج بكتابات ذات قيمة أدبية حقيقية، أن يشار لأصحابها باعتبارهم هم القدوة التي تستحق القراءة وتستحق أن يتبعها اللاحقون في مضمار الكتابة وأن تختفي هذه النوعية التي تكتب هذا الغثاء تماماً من على الساحة والعيب كل العيب على دور النشر الورقية التي على استعداد لنشر أي شيء، أي شيء، مقابل أن يدفع الكاتب، سننشر لك كل كتاباتك المهترئة الساذجة السطحية، طالما تدفع وإن كان هذا العمل على نفقة الدار فهذه جريمة أشد وأكبر.

٧ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comentarios


bottom of page