الحياة جملة من الاختيارات الخاطئة .....
الأفضل أن أقول أنها مجموعة من الفرص الضائعة ....
دائماً عندما يهرب الوحى من الكاتب يفقد القدرة على التركيز و يبدأ فى رص مجموعة من العبارات المقولبة التى تعطى شكل مبهر للفكرة و لكنه هو نفسه لا يفهم مضمونها و لكن أغراه أنها مبهرة لمن يقرأها فطرحها على الورق بدون تفكير أو ترتيب.
أحياناً هذا الجمل السطحية تعتبر مفتتح جيد لقصة قصيرة جيدة أو رواية فريدة , هكذا نتصور نحن الكتاب حينما نشرع فى الكتابة.
الكتابة فعل إدمان يسيطر على صاحبه و لا يتركه أبداً.
شعور لذيذ أن تسعى للكتابة فتطاوعك الحروف أحياناً و أحياناً أكثر تستعصى على الترويض كأنها حيوان برى لا يستأنس البشر....الكتابة مثل أحلام اليقظة يستطيع أن يشوه منظومة العالم المنتظمة و يغرقك فى الكثير من العشوائيات المفككة و عندما ينتهى مفعوله و تحاول أن تستدعيه مرة أخرى يشرع فى التمرد.
حينما تصبح كل الأمور غير معقولة و غير مقبولة بالمرة.
تحاول أن تتمرد على وحيك الذى لا يأتيك ألا فيما ندر و تكتب فتفشل كثيراً.
و قليلاً ما تجبره بفعلك هذا على الحضور فيكون حضوره طاغياً حتى أن الكلمات فى عقلك تسبق قدرتك على الكتابة , شىء مذهل !!
مسخن الماء الكهربائى ينتهى من غلى المياه, أترك اللاب توب متجهاً إلى المطبخ أصب المياه الساخنة فى الكوب الزجاجى فتتلون المياه فيه و هى تسحب اللون الأحمر الداكن من ورق الشاى و تلون به الماء بشكل تدريجى.
هل يجب أن يكون كل وصف للأشياء البسيطة التى نفعلها ينطوى على مبالغة أدبية ؟!
اسحب الكوب و أعود إلى اللاب توب, فى مطاردة سخيفة غير مبررة يهرب منك وحى اللحظة فتجلس صامتا أمام شاشة اللاب توب لا تفعل شيئا سوى التحديق فى الأحرف بدون متابعة حقيقية, تحاول أن تستقرأ الحروف لتهبك القدرة على المواصلة و لكنها تأبى , و حين تداهمك اللحظة فى أقل من الثانية و لا مبالغة فى ذلك و لكنها تبدو حقيقية جداً تحاول أن تلتقطها بمهارة فائقة و لكن....
تررررررررررررررررن
رنين الهاتف, يجبرك على أن تفلت تلك اللحظة الخالدة من بين يديك .....
هل أشتم و أسب و ألعن؟
- أيوه يا جلال أزيك عامل إيه؟
- إيه يا معلم مش بتتصل يعنى.
- معلش و الله يا جلال معيش رصيد.
- يا عم, إيه البخل ده, طيب رنة واحدة حتى.
- عامل إيه يا جلال؟
أتطلع إلى الحروف مرة أخرى لعلى استنطقها , لعل عيناى الثاقبتين ترهبها فتستنطقها و لكن بدون جدوى !
أترك اللاب توب متجهاً إلى البلكونة و جلال يقول:
- أنت نازل الإسكندرية أمتى ؟
- آخر الأسبوع اللى جاى.
- حنشوفك الخميس يعنى.
- لأ أنا بوصل الخميس بالليل يا جلال , أنت عارف زحمة القاهرة عقبال ما ببقى فى الإسكندرية , أطلع من الشغل بقى و أروح البيت أخد شنطتى و أركبـ....
- خلاص يا عم أنت حتحكى لى قصة حياتك , حنشوفك الجمعة.
- آه ممكن أن شاء الله على الساعة 5 كده.
- ماشى يا جميل , خد بالك من نفسك.
" خد بالك من نفسك" ما هذه العبارة السخيفة؟, عبارة ألف الناس على ترديدها بدون تفكير و لكنها الجملة المناسبة لإنهاء المكالمة!
Comentarios