دائماً ما تصيبني الكتابات النسائية بالإحباط، الغالبية العظمى منهن هكذا هو شعوري اتجاههن، صفات عامة يتفقن فيها، الإفراط والإسهاب في وصف المشاعر والتعبير عنها مراراً وتكراراً بصيغ مختلفة. عادة لا ينفكن عن تكرارها للأسف مما يدفع شديد الملل إلى نفس القاريء وإليَّ. العمل سخيف للغاية واكملت قراءته بصعوبة شديدة لأني لم أعتاد أن أبدأ في عمل ولا أُنهي قراءته. أولاً: على مستوى الصورة المجتمعية لشخوص العمل: الراوية صّدرت صورة مجتمعية مظلمة تتسم بالإنحلال الأخلاقي التام لمجتمع العمّال والمهنيين والفقراء، كل شخوص عالمها غرقى في الرزيلة من معاقرة الخمر وإدمان المخدرات وممارسة الزنا وفيما يخص الزنا ركبت عالم كامل من الأوغاد مدمني الجنس حيث المرأة المتزوجة وقد تكررت بالمناسبة في كل شخصيات العمل لا تنفك عن معاشرة العديد من الرجال، كلهن بلا استثناء وكل الرجال يعاشروا ما طاب ولذ لهم من النساء والفتيات أقمن جميعن علاقات جنسية قبل الزواج وبعد الزواج وأطفال زنا على طول خط الرواية وإشارة خفيفة لزنا المحارم!، وبصرف النظر عن البعد الأخلاقي فالرواية تعكس صورة مزيفة للمجتمع وبما أن العمل ينتمي للأدب الواقعي فهي حتى لم تعيد تمثيله بشكل يتماشي مع الواقع ولكن حرّفته تماماً واعطت صورة مزيفة بدون مبرر أدبي يُفهم من وراء ذلك سوى جرياً وراء الموضة البائدة والخاصة بكلما أكثرت من الجنس أصبحت كاتباً متنوراً متحرراً!، هي تحشو الجنس حشواً ولا تسأل عن أي وظيفة أدبية فالهدف واضح، هي تريد أن تقول أنها تكتب كتابة متحررة غير مقيدة أو متحفظة، ليس عندي مشكلة في ذلك ولكن أين الدواعي الأدبية لمثل هذا الحشو؟، الإجابة: صفر كبير!
بالنسبة لي تنتمي لأدب المراهقة الجنسية والتي يحقق فيها الكتّاب كل أحلامهم الشهوانية عن الجنس بدون داعي أو مبرر أدبي مفهوم!
ولا تستطيع أن تفهم من منطلق أنه أدب واقعي ما هي الدوافع أو المبررات المنطقية لسقوط كل شخوص العمل في ممارسة الرزيلة بكل أنواعها، فالتبرير الأدبي هنا غائب بالكلية! ثانياً: على المستوى الفني للرواية: عشرات من الجرائم الأدبية التي لا تغتفر وهي في إيجاز سريع: 1- إقحام متكرر لصوت الكاتبة داخل العمل الأدبي ولم تكتفي بإقحام صوتها بشكل فاضح بين شخوص العمل ولكن تدخلت بصوتها نفسه داخل العمل عدة مرات، دلالة على كسل الكاتبة الواضح في دمج تصوراتها داخل سياق العمل نفسه وفضّلت أن تقوم بهذه المهمة بنفسها تفادياً لمشقة رسم كل هذا من خلال الأحداث والبناء الدرامي. 2- مستوى الحوار بين الشخصيات على مسافة واحدة فلا فرق بين متعلم وجاهل ومثقف وأمي، كلهم يتحدثون بمستوى لغوي وثقافي وفكري وفلسفي واحد، حتى إن كل شخوص العمل فلاسفة متأملين، وهذا عيب خطير في الأدب الواقعي. 3- ترنُح الكاتبة في قوام العمل بين الخواطر النثرية (وهو محشور بإفراط في العمل) وبين متتاليات قصصية مبتورة، وبين النص الروائي وبين صوتها الشخصي الضارب طول خط العمل ولم يكن الأمر مقصوداً بالمرة من الكاتبة أن تدمج بين ألوان أدبية مختلفة في قوام عمل واحد ولكنه دلالة على التخبط التام وعدم وعي حقيقي بفعل الكتابة. 4- لا يمكن أن تستطيع باطمئنان الإشارة إلى أن هناك قوام للعمل من حيث البناء الروائي، حيث هناك تغيّيب كامل للأحداث وظهوره كفقعات هوائية على سطح العمل وسرعة ذوبانه وتبخره. 5- الحوار بين الشخصيات عبارة عن شذرات وليس له وجود فعلي في العمل وأشبه بالحكم والأمثال والمقاطع الفلسفية. 5- غياب الزمن وحضوره بدون أي حرفية من الكاتبة، لا تمسك بذمام عنصر الزمن، فتارة تغيبه بدون إرادة حقيقية منها وتارة أخرى تجعله حاضراً بدون قصد، يأتي مصادفة ويختفي مصادفة مما يدل بوضوح على إرتباك عنصر الزمن في العمل. 5- المكان وهو العنصر الوحيد المحدد ويكاد لا يغادر بقعة واحدة يدور في فلكها كل العمل، مما يبعث على الملل الشديد وركود الأحداث وحرم العمل من تطوير الحدث. 6- أخطاء مطبعية بالجملة، ليس خطأ الكاتبة ولكنها تفسد على القاريء رغبته في القراءة. 7- الغلاف سيء جداً وسوء الغلاف من سوء محتوى العمل، الذي لا تخرج منه بفكرة تليق لأن تصلح غلاف للعمل. 8- كثرة الشخصيات الثانوية اربكت العمل بشدة، وسيختلط الأمر على القاريء كثيراً من عدم تمكنه من ربط الشخصيات ببعضها البعض، لأن الكاتبة سقطت في فخ التداعي وأفلت منها زمام إبقاء القاريء معها على إطلاع ومتابعة، فسيتوه القاريء في بحر من الشخصيات غير الموظفة أدبياً ووجودها يحتاج لتبرير فني وهو ما يفتقر إليه العمل. 9- ولأن نصف الشخصيات غير موظفة أدبياً وحذفهم لن يؤثر في مجرى العمل فهذا ضعف فني آخر يواجه العمل. 10 - رواية سيئة بامتياز وتعكس صورة سلبية عن الكتابات النسائية. رحمك الله يا رضوى عاشور أثبتِ أنكِ لستِ كالنساء عندما يكتبن! بالنسبة للعنوان: أراه ملائماً تماماً لوصف شعوري حيال هذا العمل، أمثالها عندما يكتبن (هكذا يعبثون).
Comentários