المجموعة القصصية بعنوان (سيرينت) للكاتب طلعت الحملي والتي صدرت عن دار الكنزي للنشر والتوزيع وتقع في 94 صفحة. وأما انطباعاتي عن هذا العمل فسأجعلها هذه المرة في شكل نقاط وهي كالآتي:
1- أولاً أخطاء في الكتابة وليس أخطاء إملائية مثل التصاق بعض الكلمات ببعضها البعض، تتكرر طوال صفحات العمل وهذا ليس خطأ الكاتب ولكن خطأ المنسق التابع للدار.
2- قصة إهداء فاشل كنت أتصور أنها مقدمة الكاتب للعمل الخاص به ولكن عند حديثي معه أخبرني أنها إحدى قصص المجموعة ولكن يعود العيب في إدراجها في أول العمل إلى المنسق نفسه، وبالتالي حذفت تعليقي بشأن ما اعتبرته مقدمة مدمرة للعمل وقررت أن أتعامل معها كقصة قصيرة، في هذا السياق أقول أني أعذر المنسق بعض الشيء لأنه لربما فهمها على نفس النحو الذي فهمته فتصور أنها مقدمة من الكاتب لعمله، ولكن بما أنها تأتي في سيق القصة فهي متوسطة الجودة.
3- الأسلوب الأدبي في القصص جميعاً بدا مترنحاً بين السهل أو البسيط وما دون ذلك حتى حد الركاكة في بعض الأحيان، وكأنها تعبر عن مراحل نضوج مختلفة للكاتب في أسلوبه الأدبي ولكنه لم يلتفت إلى ذلك وقرر أن يجمعهم كلهم في كتابٍ واحدٍ بدون مراعاة لانتقاء ما يعبر عن نضوج أسلوبه الأدبي، فوضع الأسلوب الركيك مع الآخر الجيد والذي يندرج تحت نوع الأسلوب الأدبي: السهل أو البسيط
4- كان لدى الكاتب طوال قصص عمله أسلوب غريب، أما يضع مفردة عامية وبين قوسين ما يقابلها بالفصحى أو يضع المفردة الفصحى وما يقابلها بالعامية بين قوسين!، حقاً لم أفهم ما هذا؟، ما الفائدة الأدبية التي تعود علي كقاريء من هذا الأسلوب الغريب، لماذا لم يستخدم الكاتب مفردة واحدة فقط سواء كانت عامية أو فصحى، ضحكت عدة مرات عندما تكرر هذا الأمر، كانت ضحكة استغراب حقيقة.
5- آفة كتّاب هذه الأيام ولا أعلم من أين استقوا هذا الأسلوب الغريب، الخلط في الحوار بين الشخصيات بين العامية والفصحى، فتجد تارة البطل يتحدث العامية ثم في الحوار التالي عليه يتحول إلى الفصحى، ما مبرره اللغوي أو الأدبي، لم أجد صراحة.
6- أنا كمروان وكقاريء وقد يختلف معي كثيرون، أكره بل أمقت القصص الوعظية، أياً كانت، العاقبة السيئة التي تلحق بالفاسدين والأشرار ليكونوا عبرة لمن يعتبر، خاصة في قصة عصام تقريباً الذي انجرف إلى طريق الشيطان بحثاً عن الثراء السريع على حساب أرواح الآلاف حتى عبد الشيطان أخيراً، وغيرها من قصص المجموعة الوعظية، التي تحمل لك الرسائل المباشرة الفجة الصريحة التي لا تثق في فطنتك كقاريء ولكن يجب أن يتأكد فيها الكاتب بنفسه أنك فهمت ووعيت الدرس والعظة جيداً، بعض القراء يفضلون هذا الأسلوب ولست منهم بالتأكيد، أنا بالنسبة لي يمثل عيباً خطيراً في البناء الفني للعمل وقراء آخرون يهضموا ذلك بسهولة ويعبرون عن سعادتهم بهذه النوعية من القصص باعتبارها تقدم قيمة أخلاقية ودينيةّ!، وأسف لقولي هذا ولكني أراها تحطم فنيات العمل وتنسفه نسفاً، جدير بالذكر أن الكاتب حتى اللحظة الأخيرة من قصصه لم يثق في فطتنتنا كقراء ووضع لنا بالضبط بدون مبالغة الدروس المستفادة في نهاية الكتاب من عاقبة إتباع طريق السوء والبعد عن طريق الهدى لأنه يلقي بصاحبه إلى التهلكة!
أسف صديقي العزيز مضطر لأن اتبنى وجهة نظر غيرك تماماً، كم رأيت أنا شخصياً من طغاة وفسدة وأشرار وملاعين في هذه الحياة عاشوا فيها بسلام وماتوا فيها بسلام ولم ينتهي الطريق بهم إلى الإعدام أو السجن أو الحرق أو التنكيل أو فقدان كل شيء، فهم يحيون في سلام ونعيم، ليس من الضرورة أن تكون عاقبتهم سيئة في الدنيا كما تصور القصص الوعظية ولكن قد يؤخر الله حسابهم إلى يوم الدين حيث يوفي كل إنسان حسابه، حتى أنني أرى هذه القاعدة الأخيرة متسقة أكثر مع الواقع من الأخرى الوعظية المخالفة في مجملها ولم أقل كلها للواقع ولأن القصص الوعظية انطبعت بطابع أننا سنشهد بأعيننا هلاك الفاسدين في الحياة الدنيا وأصبحت تيمة تميز القصص الوعظية فمضيت أنت على نفس المنوال والسياق، يجب أن تكون عاقبة المفسدين الجحيم الدنيوي قبل الأخروي.
7- القصة الأولى الخاصة بقبيلة الموز وهي قصص تستخدم الرمزية من أجل الإسقاط السياسي، ضعيفة جداً فنياً، تستطيع أن تخمن بسهولة على من يقع هذا الإسقاط السياسي وإن قال الكاتب هذا الأمر مقصود أن يفهم القاريء بسهولة الإسقاط السياسي فالأحداث التي تم ترميزها معالجتها سطحية للغاية لم يكن فيها عمق في استخدام الترميز والرمز يملك طاقة تعبيرية هائلة للتعبير عن أي مضمون بشكل رمزي يحمل الكثير من المقومات الفنية التي تظهر مهارات الكاتب وهذا ما لم ألتمسه بأي حال في هذا العمل.
8- أسجل اعتراضي الشديد كما أفعل دائماً بشأن العناوين اللاتينية الأشبه بأدوية الكحة والتهاب فتحة الشرج التي يزين بها الكتّاب أغلفة أعمالهم وأصبحت استريب منها، فإن قرأت إحدى هذه العناوين على أي كتاب عرفت من فوري أنه كتابة مهترئة سطحية.
9- قصة حدث بالفعل هي القصة الوحيدة التي اعتبرها جيدة في هذه المجموعة وذلك ربما لأنها حدثت بالفعل وملائمة للواقع الذي نعيشه.
10- قصة شموع المستقبل هي قصة للأطفال وليست لي أنا أو من الفئة العمرية التي انتمي إليها وإن كان الكاتب يقصد بها الطفل فلا بأس ولكن كان الأفضل أن تُضم بين دفتي كتاب موجه للطفل.
11- قصة ومن الحب ما قتل، نهاية القصة الدراماتيكية الأشبه بالدراما التركي والهندي والمصري أيضاً، يجب أن يكون حدث النهاية صادماً وحتى يكون صادماً يجب أن يتسم بالمبالغة، هذه القصة تعبر عن مرحلة ما قبل النضوج الأدبي حيث يعمد الكاتب المبتديء إلى المبالغة الدرامية لأنه في هذه المرحلة يحسب أنها ستحدث تأثير قوي في نفس القاريء، كلنا كمبتدئين كانت تستهوينا المبالغات الدرامية والنهايات المأساوية المبالغ فيها في بداية كتاباتنا وبالتالي أنا أرى أن هذه القصة ما كان يليق بها أن تكون في هذه المجموعة.
12- قصة الشك وهي من أوضح القصص التي تعبر عن فكرة إقحام صوت الكاتب في النص والتي تناولتها قبل ذلك في أحد منشوراتي على الفيس بوك بالشرح، أن يقحم الكاتب صوته بشكل مباشر وفج في القصة بل ويستهل بها قصته بتقديم حكمة وعبرة مختصرة يبني عليها قصته التي لم أفهمها في نهايتها حقيقة!
13- قصة الباب المفتوح ينطبق عليها ما ذكرته بشأن قصة شموع المستقبل في الملحوظة رقم 10، حتى أن الكاتب يضع حكمة وعبرة بصوته مباشرة في نهايتها وهذا إخلال عظيم بفنيات ومقومات أي عمل أدبي.
14- مذكرات جندي، بدت معقولة حتى صنع الكاتب المفارقة المعهودة التي تنتمي إلى مرحلة ما قبل النضوج الأدبي أو الكتابي، فوالد بطل القصة هو كان الفاعل الرئيسي في اللعنة!، فبعد أن هضمت هذه القصة أحنقتني تلك النهاية التي تحمل مفارقة مستهلكة.
15- ثنائية قصة الجلباب، كانت مقبولة بالنسبة لي، تجلى فيها إن الكاتب قد تجاوز مرحلة ما قبل النضج الأدبي وبدأ يخط أدباً يستحق النظر إليه، في أسلوب السرد والمعالجة للفكرة، كلها بدت معقولة.
16- قصة التوقيع، قصة رعب فاشلة بامتياز وعبارة عن نحت من أفلام رعب أمريكية.
17- قصة الثلاث أماني تنتمي إلى أدب الطفل وينطبق عليها الملحوظة رقم 10.
18- قصة ترو كولر، قصة معقولة.
19- قصة الشحاذ ذكرتني بأغنية حديثة اسمها هأنذا، تقريباً هذا هو اسمها لمطرب سعودي يدعى حمود الخضر، يتحدث فيها أيضاً عن نفس فكرة القصة وهي الشخص المكافح المثابر المجد في طلب العمل الذي يخرج من رحم الفقر الشديد ليكون من الرواد ورموز المجتمع ويجب ان تكون أمه حاضرة لهذه المناسبة العظيمة ويقبل يديها، أدعوك لأن تشاهد هذا الفيديو فيؤسفني أن أقول لك أنه قدمها بطريقة أفضل بكثير مما فعلت.
20- قصة ابتزاز عاطفي، ذكرتني فوراً بقصص جريدة الأهرام والأخبار قديماً كل يوم جمعة في صفحة الحوادث تقريباً، تجد صفحة أو صفحة ونصف من الجريدة مخصصة لنفس هذه القصص وتعالج بنفس الطريقة وكانت شيقة للكثير وكان الاعتقاد الغالب وقتها أن الصحفي الذي يدعي أنه الذي قام بالتحقيق في هذه القضية هو من كتب هذه القصة من وحي خياله، تماماً مثل هذه القصة ولكن عندما حاول طلعت الحملي أن يختلف جنح لتقليد أسلوب أحمد خالد توفيق إلى حد بعيد في هذه القصة!
21- قطار الموت تماماً كما في الملحوظة رقم 16 قصة رعب فاشلة بامتياز وعبارة عن نحت من أفلام رعب أمريكية.
22- أخيراً أحب أن أقول لك يا صديقي أرجو إلا يغضبك رأي في عملك، أو تسيء فهم نواياي ولكني أقول لك بالفعل كأخ، ما كان يجدر بك نشر هذه المجموعة أبداً وأتصور أنك كلما استزدت من القراءة ونهمت منها في كل شيء، أكاد أجزم أنك ستندم على نشرك لهذه المجموعة القصصية وأحب أن أختم كلامي بأن أقول: وأتمنى لك التوفيق في أعمالك القادمة.
Comments