top of page
صورة الكاتبمروان محمد

جيل الكتّاب من التسعينات


الكاتب مروان محمد عبده
جيل الكتّاب من التسعينات

أعلم أن منشوري هذا سيغضب جيل التسعينات وأواخر الثمانينات، ولكنه شراً لابد منه، الذين اتجهوا منهم لكتابة الأدب سواء شعر أو قصة أو رواية، لديهم مشكلة كبرى في المهارات الكتابية، هذا ما لمسته من خلال بعض ممن قرأت لهم. يقرأون القليل ويكتبون الكثير، سيظن البعض أنني أتجنى أو أبالغ ولكن من يطلع على كتاباتهم، معظمها يشي بذلك، فرحون أشد الفرح بعدد اللايكات والإيموشنز والتعليقات المقولبة التي تأتيهم على الفيس بوك وأنا وغيري طفح بنا الكيل في القول بأن تجاهلوا لايكات وإيموشنز الفيس لأنها في مجملها إن لم تكن كلها تأتي من باب المجاملة فقط وتعطي انطباع خادع لمن يكتب أن كتاباته مميزة. ليس بعدد اللايكات تحسب أنك بلغت العلى، لم يحدث، هذه صورة زائفة تماماً. ويتجلى لك أنهم يكتبون أكثر مما يقرأون، إذا شرعت في قراءة أعمالهم، أغلبها ينطوي على أسلوب أدبي ركيك بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وهذا يعود فقط لقلة القراءة وعدم التنوع فيمن يقرأون له أو في أبواب مختلفة. أخطاء إملائية تفوق الوصف في مواضع الهمزات والآفة الكبرى عدم التمييز بين التاء المربوطة والهاء المربوطة والتنوين، وأيضاً نصب الفعل وهو محل جر أو جره وهو محل رفع، قواعد نحوية من بديهيات اللغة. بعضهم يسوق أفكاراً ما أنزل الله بها من سلطان وإن كانت بالفعل لها وجود في أرض الواقع فهي من الهزل والتخريف مما يعيب الكاتب أن يتشدق بها على مسامع الآخرين. ومن أمثال هذه الأقوال المخرفة: أنه ليس من المهم النظر إلي اللغة! إذا كانت فنيات العمل قابلة للإقناع، أما أنه فهم سقيم وإن لم يكن الفهم سقيم فصاحب هذه المقولة أياً كان اسمه مخبول! من فنيات ومقومات أي عمل أدبي اللغة، اللغة ليست فقط سلامة الكلمة نحواً وإملاءً بل سلامة الجملة من حيث التركيب والصياغة، من حيث ركاكتها وقوتها، ومن المقومات الفنية للغة الأسلوب الأدبي والأسلوب السردي، ففي الأسلوب الأدبي: السهل أو البسيط وفيه المعتدل أو الوسيط وفيه الجزل أو السامي وأما في الأسلوب السردي فيتم تناوله من ثلاثة زوايا: زاوية الخطاب و زاوية المخاطب وزاوية المتكلم، كلها من المقومات الفنية للعمل وتندرج كلها تحت مظلة اللغة، فإن لم تستقم اللغة لا يستقيم أي شيء بعدها، فسد كل شيء، لأنها لبنات العمل والأساس الذي يقوم عليه العمل، فإن فسد، فسد العمل كله. من يتمسكون بهذه المقولة الغريبة كمن قدم لي قطعة من الحلوى الشهية على طبق متسخ، كُسرت حوافه ويقول لي تذوق هذه الحلوى، من الطبيعي أن تعافي نفسي هذه الحلوى وإن كانت شهية وإن قدمها على طبق زُين بالرسومات والزخارف ستكون لدي شهية كبيرة لتناولها وهي هي نفس قطعة الحلوى. لا تقدم لي إناء مثقوب وتقول لي: أنه يحفظ الماء، سيسرب ما فيه رغماً عنك من أفكار ومن طرح ومعالجة وأحداث، سيسرب منك كل شيء حتى يصبح خاوياً. قولاً واحداً: من ضرب بسلامة اللغة وجمالها وطلاوتها عرض الحائط في عمله الأدبي فإنما يتبع مقولة فاسدة ومن يشجعه على ذلك فسد ذوقه. وقلة من هذا الجيل "التسعينات وأواخر الثمانينات" تطرفوا في استخدامهم للغة فبالغوا فيها حتى طغت على المضمون الذي تقدمه وما قدموه من زخرفة للكلام ليس من بنات أفكارهم ولكنه نسخاً لمن سبقوهم وحسبوا أنهم بذلك أحسنوا صنعاً وإن أطلعت على أطباقهم المزخرفة بعناية وجدت فيها حبة متعفنة. أمراً أخيراً، لن يتطور بأي حال من الأحوال مستوى كتاباتك أو نضجها الأدبي بغير القراءة، والله أن الورش الأدبية وكتب ألف طريقة لكتابة كذا... إن هي إلا دجل وشعوذة إن لم يرافقها كثرة القراءة وفي كل شيء. أن تؤمن بأن ما تكتبه في المرحلة الحالية ليس من قبيل النشر ولكنه تدريب على الكتابة وتطوير للنفس.

٢٥ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page