top of page
صورة الكاتبمروان محمد

الإسهال الكتابي آفة!


الكاتب مروان محمد عبده
الإسهال الكتابي آفة

ليس كل ما تكتبه يصلح للنشر، لا تبادر بنشر كل كلمة تكتبها سواء إلكترونياً أو ورقياً، لا تسعد بإسهال الكتابة الذي يعتريك ولا اسميها غزارة الإنتاج كما يحلو للبعض التأدب وتسميتها على هذا النحو ولكن دعنا نلقي في اسماعهم التسمية الصحيحة وهو الإسهال الكتابي، فليكن إسهالك الكتابي هو مجرد تدريب على الكتابة فقط، البعض يملاء صفحات كثيرة ويصدر العديد من الكتب في العام الواحد.

تروى فيما تنشر، اكتب كما شئت ولكن تروى فيما تنشر لأنه محسوباً عليك أمام نفسك وغيرك من الكتّاب وبالأخص والأهم أمام القاريء.

لا تفرح بأنك انهيت رواية أو ديوان شعر أو مجموعة قصصية وتركض لنشرها.

ليس جميلاً أن تعدد العناوين التي ألفتها.

ليس مبهراً على الإطلاق.

هذا الإسهال الكتابي كما قلت إن استخدمته من أجل تدريب نفسك على الكتابة فلا بأس، استمر.

أما أن تتصور أنه يصلح للنشر فيجب أن تراجع نظرتك للأمور.

الذي يجعلك تكتب هذا الكم الهائل من الأعمال في فترة زمنية قصيرة، أنا اسميه وإن شئت فلتختلف أو ترفض أو تستنكر "خواء عقلي"، سطحية شديدة، كلها عوامل دفعت إلى هذا الإسهال في الكتابة والنشر.

أي إن عقلك يبذل أقل القليل من المجهود ليكتب.

يمكنك أن تكتب عملاً كاملاً في زمنٍ قصيرٍ، ولكن تستغرق الشهور وربما عدة سنوات أو سنتين لتراجعه.

إذن إذ استشعرت في نفسك رغبة جارفة لنشر كل ما تكتب فيجب أن يكون هذا ناقوس خطر يدق بابك وإنك مصاب بحُمى الكتابة المهترئة السطحية الخالية من أي آثر تتركه لدى القاريء، حتى أمام نفسك.

هناك صديق عزيز احتج علي بأن كاتبة انجليزية لا أذكر اسمها من فرط استنكاري واشمئزازي مما تفعل كتبت 750 رواية بمعدل رواية كل أسبوع، هذا هو قمة الخبل، هذه ليست بمبدعة، هذه بائعة لكلمات تجارية ولا حاجة لي بأن أقرأ لها أي عمل أمام هذا الخبل الذي تصنعه ومن الطبيعي أنه من واقع 750 عمل أن تجد عدة أعمال جيدة فهي مارست الخرف والهراء ل750 عملاً كاملاً!

وأغلب ظني أن كل ما تكتبه غثاء، هل هذا غزارة إنتاج؟ أو موهبة, سميها موهبة، إبداع، شغف الكتابة، قدرات خاصة، حاول أن تخدع نفسك بكل هذه الكلمات المطاطية فأنا لن تنطلي علي هذه الخدعة السمجة.

هذا خبل وليس له تعريف آخر.

إن كنت تكتب كثيراً فثق أنك لا تفكر فيما تكتب وقلما راجعت ما تكتبه لأنك لو راجعت بعين موضوعية محايدة إنتاجك الأدبي، لأحرقت الكثير مما كتبته!

أن تكتب كثيراً هذا يعني أن مخيلتك وعقلك في أعلى مستويات السطحية الكتابية والثقافية لأن ثقل المعرفة والثقافة يعوقان المرء عن الإسهال في الكتابة، يصبح أكثر تخوفاً وحذراً وتأنياً فيما يكتبه، مهووساً متوجساً باستمرار مما يكتبه، تضغط عليه معرفته وثقافته فتعجزه عن الكتابة السهلة السريعة السلسة، نعم تقف كحجر عثرة على أن يسهل في الكتابة على هذا النحو ولكن حينما يفرغ من كتابة عملٍ ما فأنك ترى تحفة أدبية تستحق النظر والقراءة والحفاوة لأنها حصيلة تراكم معرفي وثقافي عظيم مذهل.

كثرة الكتابة عندي وجريمة نشر كل ما يكتب لهو خير دليل على خواء وتفاهة صاحب هذا القلم، الذي يطل علينا كل شهر وكل أسبوع بعملٍ جديد، وأجدني أسأل نفسي، كم من الوقت استغرقه لمراجعة ما كتب؟، وكم من مرة هاجم فيها نفسه وعنف نفسه بشدة على ما كتب وحذف مما كتب كثيراً أو قرر في كثير مما كتب أن يحرقه حرقاً؟، كيف لم تعذبه عمليات المراجعة المتكررة لعشرات المرات؟

نشرك لكل ما تكتب على هذا النحو، يعني أنك مررت على ما كتبت مرور الكرام أو لم تمر أصلاً.

مرة أخرى، لا أعتبر إسهال الكتابة نقمة إذا كانت من أجل تدريب يدك والتجريب ولكني أضعه في خانة الإسهال الكتابي المزمن، إذا كان سيبادر الكاتب بنشر كل ما يكتبه وأن يسعد بقائمته الطويلة من العنواين التي ألفها فكل ما كتبت بالنسبة لي كأنك لم تكتب شيئاً على الإطلاق ولم أراك حتى الآن ولازالت بالنسبة لي غائباً بالكلية عن المشهد الأدبي الصحي السليم برغم من تخمة الكتابة التي تعاني منها.

٣٩ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page